کد مطلب:186210 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:264

قصیدة الفرزدق
لو جمعنا الشعر الذی قیل فی مدح و رثاء الامام زین العابدین علیه السلام لكان كتابا ضخما قد یكبر عن حجم هذه السلسلة فضلا عن حجم هذا الكتاب، لقد مدحه أبوالأسود الدؤلی - شاعر أمیرالمؤمنین علیه السلام و المعلم الأول لعلم النحو - فی قصیدة جاء فیها:



و ان ولیدا بین كسری و هاشم

لأعظم من نیطت علیه التمائم



و غیره و غیره كثیر.

و اخترت قصیدة الفرزدق رضوان الله علیه أن أثبتها فی الكتاب اكبارا لموقف الشاعر فی تحدیه لطاغیة بنی أمیة و استهانته به، فحیا الله هذا الولاء العلوی و كثر أمثاله فی المسلمین.

قال الشیخ المجلسی: فی الحلیة و الأغانی و غیرهما: حج هشام بن عبدالملك فلم یقدر علی الاستلام من الزحام، فنصب له منبر فجلس علیه، و أطاف به أهل الشام، فبینما هو كذلك اذ أقبل علی بن الحسین علیهماالسلام، و علیه ازار ورداء، من أحسن الناس وجها، و أطیبهم رائحة، بین عینیه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل یطوف فاذا بلغ موضع الحجر تنحی الناس حتی یستلمه هیبة له، فقال شامی:

من هذا یا أمیرالمؤمنین؟

فقال: لا أعرفه، لئلا یرغب فیه أهل الشام. فقال الفرزدق و كان حاضرا: لكنی أعرفه.

فقال الشامی: من هو یا أبافراس.



[ صفحه 326]



فأنشأ قصیدة ذكر بعضها فی الأغانی و الحلیة و الحماسة، و القصیدة بتمامها هذه:



یا سائلی أین حل الجود و الكرم

عندی بیان اذا طلابه قدموا



هذا الذی تعرف البطحاء وطأته

و البیت یعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خیر عباد الله كلهم

هذا التقی النقی الطاهر العلم



هذا الذی أحمد المختار والده

صلی علیه الهی ما جری القلم



لو یعلم الركن من قد جاء یلثمه

لخر یلثم منه ما وطی القدم



هذا علی رسول الله والده

أمست بنور هداه تهتدی الأمم



هذا الذی عمه الطیار جعفر وال

مقتول حمزة لیث حبه قسم



هذا ابن سیدة النسوان فاطمة

و ابن الوصی الذی فی سیفه نقم



اذا رأته قریش قال قائلها

الی مكارم هذا ینتهی الكرم



یكاد یمسكه عرفان راحته

ركن الحطیم اذا ما جاء یستلم



و لیس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت و العجم



ینمی الی ذروة العز التی قصرت

عن نیلها عرب الاسلام و العجم



یغضی حیاءا و یغضی من مهابته

فما یكلم الا حین یبتسم



ینجاب نور الدجی عن نور غرته

كالشمس ینجاب عن اشراقها الظلم



بكفه خیزران ریحه عبق

من كف أروع فی عرنینه شمم



ما قال لا قط الا فی تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم



مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره و الخیم و الشیم



حمال أثقال أقوام اذا فدحوا

حلو الشمایل تحلو عنده نعم



ان قال قال بما یهوی جمیعهم

و ان تكلم یوما زانه الكلم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده أنبیاء الله قد ختموا



الله فضله قدما و شرفه

جری بذاك له فی لوحه القلم



من جده دان فضل الأنبیاء له

و فضل أمته دانت لها الأمم



عم البریة بالاحسان و انقشعت

عنها العمایة و الاملاق و الظلم



[ صفحه 327]



كلتا یدیه غیاث عم نفعهما

یستوكفان و لا یعروهما عدم



سهل الخلیقة لا تخشی بوادره

یزینه اثنان: حسن الخلق و الشیم



لا یخلف الوعد میمونا نقیبته

رحب الفناء أریب حین یعتزم



من معشر حبهم دین و بغضهم

كفر و قربهم منجی و معتصم



یستدفع السوء و البلوی بحبهم

و یستزاد به الاحسان و النعم



مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

فی كل فرض و مختوم به الكلم



ان عد أهل التقی كانوا أئمتهم

أو قیل من خیر أهل الأرض قیل هم



لا یستطیع جواد بعد غایتهم

و لا یدانیهم قوم و ان كرموا



هم الغیوث اذا ما أزمة أزمت

و الأسد أسد الشری و البأس محتدم



یأبی لهم أن یحل الذم ساحتهم

خیر كریم واید بالندی هضم



لا ینقص العسر بسطا من أكفهم

سیان ذلك ان أثروا و ان عدموا



أی الخلائق لیست فی رقباهم

لأولیة هذا أوله نعم



من یعرف الله یعرف أولیة ذا

فالدین من بیت هذا ناله الأمم



بیوتهم من قریش یستضاء بها

فی النائبات و عند الحكم ان حكموا



فجده من قریش فی أرومتها

محمد و علی بعده علم



بدر له شاهد و الشعب من أحد

و الخندقان و یوم الفتح قد علموا



و خیبر و حنین یشهدان له

و فی قریضة یوم صیلم قتم



مواطن علمت فی كل نائبة

علی الصحابة لم أكتم كما كتموا



فغضب هشام و منع جائزته، و قال: ألا قلت فینا مثلها؟

قال: هات جدا كجده، و أبا كأبیه، و أما كأمه، حتی أقول فیكم مثلها، فحبسه بعسفان - بین مكة و المدینة - فبلغ ذلك علی بن الحسین علیهم السلام فبعث الیه باثنی عشر ألف درهم، و قال: اعذرنا یا أبافراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها و قال: یا ابن رسول الله ما قلت الذی قلت الا غضبا لله و لرسوله، و ما كنت لارزأ علیه شیئا، فردها الیه و قال: بحقی علیك لما قبلتها فقد رأی الله مكانك، و علم نیتك، فقبلها. فجعل الفرزدق یهجو هشاما و هو فی الحبس فكان مما هجاه به قوله:



[ صفحه 328]



أیحبسنی بین المدینة و التی

الیها قلوب الناس یهوی منیبها



یقلب رأسا لم یكن رأس سید

و عینا له حولاء باد عیوبها [1] .



[ صفحه 329]




[1] بحارالأنوار: 11 / 37.